فقد الوسط الثقافي المصري الأديب والروائي إدوار الخراط، عن عمر ناهز 89 عاماً بعد صراع مع المرض، ولد إدوار الخراط بالإسكندرية في 16 مارس عام 1926 في عائلة قبطية من الصعيد، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1946. وله روايات متعددة، أبرزها «رامة والتنين) التي اعتبرها النقاد حدثاً أدبياً من الطراز الأول، تلاها رواية الزمان الآخر.
يمثل إدوارد الخراط تياراً يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسّدها نجيب محفوظ في الخمسينات مثلاً ولا يرى من حقيقة إلا حقيقة الذات ويرجّح الرؤية الداخلية، وهو أول من نظّر لـ»حساسية الجديدة» في مصر بعد 1967م، حيث يزعم أن الثقافة يحكمها منظور تاريخي, أي زمني, كما يحكمها في الوقت نفسه سلم من القيم اللازمنية واللاتاريخية.
بدأ الخراط كاتباً للقصة القصيرة بجوار ترجماته الأدبية التي لم يصدر بعضها في كتب إلى الآن ومنها مسرحيات ذات فصل واحد أذيعت في البرنامج الثاني من الإذاعة المصرية في الستينات.
ومن ترجماته المنشورة رواية (الحرب والسلام) لليو تولستوي 1958 وقصص من رومانيا بعنوان (الغجرية والفارس) 1958 وقصص من إيطاليا بعنوان (شهر العسل المر) 1959.
واعتبرت أول مجموعة قصصية له، وهي الحيطان العالية عام 1959 منعطفاً حاسماً في القصة العربية، كما وصفها النقاد، حيث أكدوا أنه ابتعد عن الواقعية السائدة آنذاك وركز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرضة للخيبة واليأس، ثم أكدت مجموعته الثانية «ساعات الكبرياء» هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.
منذ وقت مبكر شارك الخراط في الحياة الثقافية بفاعلية حيث شارك في مجلة (جاليري 68) التي كانت صوتاً لجيل الستينات من الأدباء المصريين والكتابة الأدبية الجديدة في مصر. كما شارك في إصدار مجلة (لوتس) للأدب الأفريقي-الآسيوي والتي كانت تصدرها منظمة الشعوب الأفريقية والآسيوية.
وعرف الخراط في العشرين عاماً الأخيرة بالغزارة اللافتة في الكتابة والنشر؛ إذ كان يصدر له كتابان أو ثلاثة في العام الواحد على الرغم من تأخره في النشر عن أبناء جيله حيث لم ينشر مجموعته القصصية الأولى (حيطان عالية) إلا عام 1959 وأتبعها بمجموعته الثانية (ساعات الكبرياء) 1972 وصدرت روايته الأولى (رامة والتنين) 1979.
ومن كتب الخراط (طريق النسر) و(صخور السماء) و(الزمن الآخر) و(حجارة بوبيللو) و(الغجرية ويوسف المخزنجي) وهي روايته الأخيرة التي صدرت عام 2004 و(فجر المسرح). كما صدر له عام 2005 كتابان هما (مجالدة المستحيل.. مقاطع من سيرة ذاتية) و(مواجهة المستحيل.. مقاطع أخرى من سيرة ذاتية.. تأملات وتجارب).
شارك إدوار الخراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946، واعتقل في 15 / 5 / 1948م في معتقلي أبو قير والطور. عمل في منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في منظمة الكتاب الأفريقيين والآسيويين من 1959 إلى 1983م.
ونال الخراط جوائز منها جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1999 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب في العام نفسه، كما فاز بجائزة ملتقى الرواية العربية الرابع بالقاهرة في فبراير شباط 2008.
واحتفل المجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 1996 ببلوغ الخراط سن السبعين، كما احتفل عام 2007 بعيد ميلاده الثمانين وأصدر بهذه المناسبة كتاب (الإبحار نحو المجهول) وهو مختارات من كتاباته بمقدمة للناقد المصري ماهر شفيق فريد الذي صدر له عام 2003 كتاب عن الخراط بعنوان (الإغارة على الحدود).