مجلة شهرية - العدد (581)  | فبراير 2025 م- شعبان 1446 هـ

رحيل فاطمة المرنيسي باحثة قضايا المرأة

تبقى فاطمة المرنيسي التي توفيت عن عمر ناهز الخامسة والسبعين، من أشهر المدافعات عن حقوق المرأة المسلمة، حيث اهتمت بالكتابة عن حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم العربي والدول الإسلامية، وتعد كاتبة متميزة ومتفردة في علاقة المرأة وأثرها في المسائل والقضايا الاجتماعية الساخنة والمحورية. وقد تغلغلت في مساحات الممنوع والمحظور والمحرّم وطرحت آراء فكرية مختلفة ومغايرة أثارت جدلاً ونقاشاً حاداً وعنيفاً بين مؤيدين لأطروحاتها ومعارضين لأفكارها. 
ولدت فاطمة المرنيسي عام ١٩٤٠ في فاس، وترعرعت في أوساط عائلية واجتماعية بورجوازية محافظة، كانت عائلتها مقربة من الحركة الوطنية المناوئة للاستعمار الفرنسي، وعاصرت في طفولتها ظاهرة «الحريم» في بيوت الطبقة الغنية. كانت المرنيسي من القليلات اللاتي حظين بحق التعليم في عهد الاحتلال الفرنسي، وذلك بفضل المدارس الحرة -الخارجة على نمط التعليم الفرنسي- التابعة للحركة الوطنية.
وفي مرحلة لاحقة واصلت مسارها التعليمي في الرباط، قبل أن تنتقل إلى فرنسا ثم إلى أمريكا لاستكمال تكوينها العلمي. درست بالسوربون وتخصصت في علم الاجتماع ثم حصلت على الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من أمريكا ثم عادت إلى المغرب لتعمل أستاذة باحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية.
عملت المرنيسي باحثة بالمعهد القومي للبحث العلمي بالرباط، وبكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة محمد الخامس بالرباط)، وعضواً في مجلس جامعة الأمم المتحدة، وأسست مبادرة جمعوية من أجل حقوق المرأة تحت اسم «قوافل مدنية»، كما ساهمت في إطلاق تجمع «نساء، أسر، أطفال».
فاطمة المرنيسي لم تكن يوماً ضد الإسلام، إنها تناضل وتفكر معرفياً من داخل النسق الثقافي الإسلامي، الذي تعتبره أعطى المرأة مكانة جيدة، يتوجب العمل باستمرار على استعادتها، حتى لا تظل ثقافة والاستعباد هي المسيطرة مغربياً وعربياً. تفكير المرنيسي في قضايا المرأة هو احتجاج علمي على ذات القراءات والكتابات التي لا تتمثل المرأة ما بين المحيط والخليج فيما هي تاريخياً وواقعياً أكبر بكثير من هذه النظرة الاختزالية. فالنساء في العالم العربي برأيها هن «وقود لكثير من التداعيات السلبية في غالب القضايا المعاصرة، وهن طرف المعادلة الخاسر دائماً، على الرغم من التركة الأخلاقية الغابرة للمجتمعات العربية المسلمة». لا تخفي «فاطمة المرنيسي» أن كتاباتها تندرج ضمن «الكتابات النسوية» التي تطالب بمكانة حقيقية للمرأة في الحضارة العربية الإسلامية، غير أن ما يفرقها ربما عن التيار النسوي التقليدي الرافض للقيم العربية والإسلامية أنها تنطلق من التراث العربي الإسلامي بالذات للمطالبة بهذه المكانة.
من مؤلفاتها: الحريم السياسي، النساء والنبي، سلطانات منسيات، شهرزاد ترحل إلى الغرب، الحريم والغرب، هل أنتم محصنون ضد الحريم، الخوف من الحداثة، الإسلام والديموقراطية، الجنس والأيديولوجيا والإسلام، الحب في بلاد المسلمين، أحلام نساء، ونساء على أجنحة الحلم.
الكثير من آراء فاطمة المرنيسي عن مكانة المرأة في التراث العربي الإسلامي لا يزال منسياً ومجهولاً ومغيباً، وربما ما يجعل إنتاج فاطمة المرنيسي منسياً ومغيباً، إلى حد ما في الثقافة العربية الحديثة، أن جل إنتاجها إما صادر بالإنجليزية أو بالفرنسية، على الرغم من المجهود القيم الذي تقوم به مترجمتها إلى اللغة العربية «فاطمة الزهراء أزرويل» والتي تعتبر مترجمة فاطمة المرنيسي إلى اللغة العربية. 
حصلت فاطمة المرنيسي في مايو / أيار 2003 على جائزة أمير أستورياس للأدب «أرفع الجوائز الأدبية بإسبانيا» مناصفة مع سوزان سونتاغ. وحازت في نوفمبر / تشرين الثاني 2004 على جائزة «إراسموس» الهولندية إلى جانب المفكر السوري صادق جلال العظم، والإيراني عبد الكريم سوروش، وكان محور الجائزة «الدين والحداثة».
 كما اختيرت عام 2003 عضواً في لجنة الحكماء لحوار الحضارات التي شكلتها اللجنة الأوروبية برئاسة رومانو برودي.
ذو صلة