مجلة شهرية - العدد (580)  | يناير 2025 م- رجب 1446 هـ

رحيل الفنان التشكيلي جمال قطب.. صاحب الريشة (المحفوظية)

 

غيب الموت يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول) الفنان التشكيلي جمال قطب عن عمر ناهز الـ 86 عاماً. تاركاً بصمته على أغلفة روايات كبار الأدباء في العالم العربي، بالأخص روايات نجيب محفوظ. وهو الفنان الذي تقتني الملكة إليزابيث ملكة إنجلترا لوحة رسمها لها في قصر باكنجهام.
اشتهر قطب ببراعته في رسم أغلفة مؤلفات كبار الأدباء وعلى رأسهم: نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ويحيى حقي وأمين يوسف غراب وغيرهم. رسم أغلفة تنبض بالحركة وتعابير الوجوه والأضواء الموزعة فقد كانت بالتة ألوانه غنية تظهر الحركة والاتزان معبرة عن الحس الشاعري لدى الفنان والكاتب أيضاً.
لم يكن قطب فناناً تشكيلياً عادياً ينتمي للمدرسة الواقعية الاجتماعية، فقد ظل على مدار أربعين عاماً رفيق رحلة إبداع محفوظ، كان فيها أول من يقرأ رواياته ليطلق لفرشاته العنان كي تجسد ملامح الشخصيات، فكان غلاف الرواية بمثابة نفحة من الخيال التي تمهد للقارئ تفاصيل الرواية وتجعله يتخيل شخوصها، شارحاً بالألوان والمساحات والخطوط والأشكال الرواية التي كتبت عبر مئات الصفحات.
(لوحاتي في كل بيت) هكذا كان يفاخر الفنان الراحل أبناء جيله من الفنانين، فهو الذي ترجم أعمال محفوظ بريشته، تلك الأعمال التي اقتناها الملايين حول العالم.
جمال قطب من مواليد محافظة الغربية عام 1930 كشفت موهبته عن نفسها في مراحل مبكرة من عمره وما أن دخل عالم الصحافة عبر دار الهلال العريقة، فانفتح أمامه عالم سحري استطاع فيه أن يحلق بريشته المميزة وأصبحت أغلفتها المميزة ممهورة باسمه.
 عمل رساماً بمؤسسة دار الهلال وهو لا يزال طالباً بكلية الفنون الجميلة، كما عمل مستشاراً فنياً لمؤسسة دار الهلال. وعمل أستاذاً لمادتي التذوق الفني وتاريخ الفن بأكاديمية الفنون بالقاهرة.
كشف قطب في أحد حواراته أنه تأثر بفنانين عالميين هما الأمريكي نورمان روكويل والإيطالي والتر مولينو (كانوا العالم السحري بلمساته الجميلة الذي مهد لدخولي الفنون الجميلة)، وكان يحرص على اقتناء المجلات التي رسموا أغلفتها، بل قام بالسفر إليهم للتعلم منهم.
 كان جمال قطب معروفاً بانعزاله عن الحراك الفني التشكيلي والمعارض الفنية، وكان ذلك نابعاً من إيمانه بأن (الصحافة معرض يومي) يذهب للناس. لكنه كان مبدعاً موسوعياً، فكان ينفث إبداعه في مجالات الشعر والكتابة المسرحية والقصة والنقد الفني، كما كانت له كتابات في عدد من المجلات العربية والأجنبية.
كلف قطب بإقامة متحف دارة الملك عبدالعزيز بالسعودية، فذهب للأماكن التي حارب فيها جلالة الملك المؤسس، لرسم أعمال ملحمية تاريخية تروي بطولاته، بعدها ساهم في إقامة متاحف في الإمارات، والبحرين، وقطر.
 رحل قطب في صمت ولم تلتفت الصحف المصرية لوفاته إلا بعد يومين، لكنه يحل كضيف شرف بفنه على معرض (لوحة في كل بيت) الذي يحتضنه أتيليه جدة للفنون الجميلة.

 

ذو صلة