يعد من أبرز الأصوات الشعرية في المملكة العربية السعودية، الذين أجادوا كتابة القصيدة السعودية العمودية الكلاسيكية التي تميّزت بالوحدة العضوية والصور البيانية المشرقة الباذخة، ويعد من الشعراء الرواد في المملكة ومن أصحاب بدايات النهضة الثقافية والشعرية، وله دور رائد في العديد من المجالات الثقافية والأدبية وبخاصة الشعرية، وهو من الشعراء الذين يمثّلون مرحلة من أهم مراحل الأدب السعودي، وهي مرحلة البدايات ذلك هو الأديب الشاعر أحمد سالم باعطب.
ولد الشاعر أحمد سالم باعطب على أرض المكلا في حضرموت، 1355هـ. وفيها انتظم على مقاعد صفوف المدرسة الابتدائية، ثم انتقل إلى عروس البحر الأحمر مع ميعة الصبا، حيث واصل مسيرته التعليمية المتوسطة والثانوية، وفي قلب العاصمة تابع تحصيله الأكاديمي ملتحقاً بجامعة الملك سعود, حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية مع مرتبة الشرف عام 1386هـ. وبدأ خوض معترك الحياة معلماً في المرحلة الابتدائية، ثم عمل مدقق حسابات في مؤسسة الخطوط الجوية السعودية، ثم انتقل للعمل بمؤسسة النقد العربي السعودي, وتدرج في وظائف متعددة حتى أصبح مساعداً لمدير إدارة التدقيق الداخلي حتى إحالته للتقاعد عام 1409هـ.
نظم باعطب الشعر وله من العمر عشرون ربيعاً، ولم يحاول نشر إنتاجه إلا بعد مضي خمس سنوات من تجربته الأولى. وقد أحرق معظم إنتاجه من الشعر في فترته الأولى.
نال أكثر من جائزة في ميدان القصيد الأصيل، ما جعل النقاد يتوقفون أمام تجربته الشعرية ويشبعونها درساً وبحثاً ويبرزون مواطن الجمال بين قصائده الماتعة.
قال ذات مرة في حماته وإيجار داره:
شرقت بفرحتها (حماتي) عندما
علمت بأني قد ظفرت بدار
وتبسمت إذ أبصرتني مقبلاً
وتحف بي زوجي وكل صغاري
قالت هنيئاً، قلت ويحك إنني
أصبحت رمز الفقر والإعسار
قالت فما الإيجار قلت لها اصمتي
لا تسألي أبداً عن الإيجار
عشرون ألفاً لا يؤجل دفعها
ويضاف ألفٌ خدمة السمسار
قالت لحاك الله تلك جريمة
مسخت بشاعتها جمال نهاري
كان باعطب غزيراً في إنتاجه الشعري, ونشطاً في إنتاجه الطباعي فقد أثمرت تجربته الشعرية عدة دواوين شعرية وبعض الدراسات العروضية المبثوثة في بطون الصحف، فزود المكتبة السعودية بعدد من الدواوين الشعرية, منها: (الروض الملتهب)، و(قلب على الرصيف)، و(عيون تعشق السهر)، و(أسراب الطيور المهاجرة)، و(مئة قلادة من الشعر) وغيرها. كما قام بإعداد 12 مجلداً مع مراجعتها وتنقيحها وتصحيحها من كتب (الأثنينية).
كان شاعراً مطبوعاً محلقاً، متمكناً صاحب لغة صافية ماتعة وقافية موزونة، ومشاهد اجتماعية واقعية، وصور أدبية بليغة، وتعابير جزلة رقيقة، وحكم وأمثال مشهودة. ولذا حقق مكانة كبيرة في عالم الشعر الذي تعامل معه بحب وسلك كل جوانبه من شعر عاطفي إلى شعر وطني إلى شعر إسلامي بل وشعر ساخر ترجم به ما يجول في نفسه من مرارة وسخرية لبعض المواقف.
كان باعطب الإنسان دمث الأخلاق، وصادق الأخوة، وذا كلم طيب, قريباً من محبيه. وهبه الله صوتاً رخيما, فإذا سمعته ينشد الشعر، تجده يتعايش مع الكلمة والوزن والقافية، ويجسّدها في لغة جسده، وإيماءاته، وصوته، ولكنته الحضرمية المحبّبة, يزينها بصوته العذب وإلقائه الفاتن فيفتتن بها السامع، ويبتهج لها الحضور.