مجلة شهرية - العدد (582)  | مارس 2025 م- رمضان 1446 هـ

موسيقى المخاض

قلمٌ وشعاع ضوء من أعلى يضيء المكان الذي يجلس فيه الشاعر..
مسرح مفتوحٌ على كل المارة في الشارع، لا ستار ولا كواليس ولا حتى مخرج، أو مهندس صوت أو إنارة..
 كل شيء على السجية..
 وأن يكون كل شيء على السجية ذاك هو أصعب تحدٍّ أمام الشاعر، ومن يقابله في تلك الجلسة، ضاماً إلى صدره آلة موسيقية تحمل في بطنها أبناءه. ولادتهم ليست رهينة بأيام أو أشهر، هي متوقفة على مدى بقاء الشاعر على طبيعته
لا يتصنع قلمه المشاعر..
وأن يكون مصيرك مرتبطاً بأيام أو أشهر، أرحم من أن يكون رهيناً ببقاء شاعرٍ على سجيته، وسط شارع يغص بالمارة.
 القلم بين أنامله يتراقص في قلق، كأنه شاب خجول في أول رقصة له مع حبيبته.. يراقصها وعيناه لا تفارقان شفتيها المكتنزتين الحمراوين كحبتي فراولة.. متردداً.. كان يقترب منها شيئاً فشيئاً، إلى أن أطبق شفتيه على حبتي الفراولة..
وكتب..
وتراقص الأطفال في رحم الأم هناك بين يدي الأب الحزين.. ورقصوا رقصة الصف.. على أرضية رطبة لا تصدر صوتاً سوى أنين الأم.. واشتد المخاض..
واشتد الأنين..
واهتزت الأوتار، كل الأوتار..
أنامل الشاعر تنزف..
أنامل الأب هناك تنزف..
والمارة يبكون..
سقط القلم..
اكتملت الرقصة والقصيدة والمقطوعة..
ولا ستار ليسدل.

ذو صلة