مجلة شهرية - العدد (582)  | مارس 2025 م- رمضان 1446 هـ

القلب إذا هوى

خَمسٌ عِجاف..
ودّعتها فرِحاً، لأمضي خلف حلمي في حقول الجلّنارْ
وأرى دمشقَ -كسالف الأيّام- ترفل بالورودِ
وتنحني أشجارها من زحمة الأطيارْ
خمسٌ مضتْ.. وأنا هنا
ألهو بقلبي مثلما يلهو الصغارْ
وجعٌ.. وشوقٌ.. وانتظارْ
وتارةً مثل الكبارْ
أدري بأنّ القلبَ صار فراشة
يزهو برقصته الأخيرة فوق نارْ
***
وإن اشتكى قلبي من الوجع الذي أُسقيهِ
قلتُ له: 
ماذا يفيد القلب إنْ نأتِ الديارْ؟!
وتفرّق الأهلونَ قسراً في الجهاتِ
وأوغلوا في التيه
حتى مسّهم ذُلّ المنافي والحصارْ
ماذا يفيد القلب إنْ جاع الصغار؟!
ماذا يفيد القلب إنْ فقدوا براءتهم
وشبّوا مثقلين بخوفهم.. وبحقدهم
وترعرعوا بين الحرائق والبنادق والدمارْ؟!
ماذا يفيد إذا الصبايا لا تدقّ قلوبهنّ
لهمسةِ العشّاق في عزّ النهار؟!
ماذا يفيد إذا الأحبّة أصبحوا
صوراً على الجدران يعلوها الغبار؟!
ماذا يفيد إذا جلسنا حول مائدة الطعام
وشاشةُ التلفازِ تبصقُ آخرَ الأخبارْ؟!
جوعٌ هنا.. موتٌ هناك.. ولا مغيث!
ولا نكفّ عن الطعام
ولم نبالِ بالضحايا بين أمواج البحار!
ماذا يفيد القلب إنْ ذُلّ الكبار؟!
ماذا يفيد القلب إنْ غابَ العبيرُ عن الحدائق
والقبور تمدّدت فيها،
 وهاجرتِ الطيورُ،
 وماتتِ الأزهار؟!
ماذا يفيد (إذا المنيّة أنشبتْ أظفارها)؟!
وإذا اليتامى والأيامى في العراءِ
تقاسموا بردَ الشوارعِ!
والمقابر أَغلَقَتْ أبوابها في وجههم!
فاستسلموا للواحد القهّار
ماذا يفيد إذا دمشق تصحّرتْ؟!
وإذا المجالس أقفرتْ، وتفرّق السُّمّار!
ماذا يفيد القلب ياروحي إذا القلب هوى؟!
هل يُطْرِبُ الموّال دون الناي والمزمار؟!
***
يا قلبي لن أرعاك بعد اليوم، إنّك خافق
وأنا بريء من عقوقك..
مُذْ ضَللتَ وخُنْتَني.. وخَذَلْتني
وتركْتَني كسفينة في لجّة الإعصار

ذو صلة